مصر: وسائل إعلام مستقلة تئن تحت وطأة الوصاية
تشهد أربع وسائل إعلام مصرية مستقلة عملية تأميم بطريقة غير مباشرة. وفي هذا الصدد، تُعرب مراسلون بلا حدود عن قلقها العميق إزاء سلسلة التدابير الحكومية الجديدة التي تساهم في وضع عدد من المنابر الإعلامية المصرية تحت الوصاية بتُهمة ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين.
تتعرض أربع وسائل إعلامية مستقلة، وهي ديلي نيوز إيجيبت والبورصة والموقعين الإخباريين مصر العربية وبوابة القاهرة، لنوع جديد من الهجمات، التي تتم على ثلاث مراحل. وتتمثل الخطوة الأولى في وضع هذه المنابر الإعلامية على قائمة الأسماء المشتبه في انتمائها إلى الإخوان المسلمين أو دعمها لهذه الجماعة تُعتبر منظمة إرهابية في مصر. ثم تقوم المصارف بتجميد أصول المؤسسات المدرجة في القائمة، مما يؤدي إلى شل عمل وسائل الإعلام المعنية واستنزافها مالياً. أما المرحلة الثالثة، فتتمثل في وضع الصحيفة أو الموقع الإخباري تحت وصاية المؤسسة الإعلامية الحكومية أخبار اليوم، التي تُعيد إطلاقها في وقت لاحق.
وجدير بالذكر أن تجميد حسابات الأفراد أو الشركات الواردة على القائمة السوداء التي يضعها النظام لا يستند إلى أساس قانوني، علماً أن هذا الإجراء يتم بطريقة إدارية بحتة من قبل لجنة معنية بمصادرة والتصرف في أصول آلاف الأشخاص المتهمين بعلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، دون إجراء أي تحقيق أو صدور أي قرار قضائي في هذا الشأن.
وفي هذا الصدد، تعتبر مراسلون بلا حدود أن تجميد حسابات وسائل الإعلام أو مالكيها قرار غير دستوري، كما أن وضع هذه المنابر الإعلامية تحت وصاية وسيلة إعلامية حكومية يمثل خطوة أقرب ما تكون إلى التأميم القسري، مُحذرة في الوقت ذاته من الخطر الذي تشكله مثل هذه العملية على استقلالية خط تحرير وسائل الإعلام المعنية.
تأميم بالوكالة
يَعتبر خالد البلشي، رئيس تحرير موقع البداية المعارض أن هذه الإجراءات المتمثلة في تجميد الأصول ووضع الصُحف والمواقع تحت وصاية وسائل الإعلام الحكومية تحمل في طياتها عمليات تأميم بالوكالة. ويضيف مؤسس لجنة الحريات التي تدافع عن حقوق الصحفيين أن بعض وسائل الإعلام التي رفضت البيع، مثل ديلي نيوز والبورصة، تم السيطرة عليها بطرق أخرى. وقبل الزج بأربع من وسائل الإعلام المستقلة تحت الوصاية الحكومية، أطلق رجال أعمال مصريون مقربون من السلطة وأجهزة المخابرات حملة واسعة تهدف إلى شراء عدد من المجموعات الإعلامية، مما أتاح لنظام السيسي تشديد سيطرته على الصحافة بشكل غير مباشر.
ومن جهتها، تؤكد أميرة الفقي، وهي صحفية في ديلي نيوز إيجيبت، أن ما يطال هذه الجريدة يشكل مثالاً صارخاً على الكيفية التي يستمر بها تقلص المجال العام في مصر تدريجياً، موضحة أن الصحيفة اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية اتُّهمت ظلماً باتخاذ مواقف سياسية موالية لمجموعة معينة، مضيفة في الوقت ذاته أن هذا الاتهام عادة ما يُستخدم بشكل تعسفي لإثارة العداء تجاه وسائل الإعلام المستقلة.
هذا وتُعرف جريدة ديلي نيوز إيجيبت منذ نشأتها بتبني خط تحرير محايد إزاء السلطة، حيث فتحت صفحاتها للصحافة الاستقصائية من خلال تحقيقات في عمليات الإعدام التي جرت دون محاكمة. لكن في ديسمبر/كانون الأول 2016، شهدت قائمة الحسابات المعرضة للتجميد إدراج اسم مصطفى صقر، وهو مساهم في مجموعة بيزنس نيوز التي تنتمي إليها ديلي نيوز إيجيبت وصحيفة البورصة المتخصصة في الشؤون المالية. ومنذ الشهر التالي، توقفت ديلي نيوز إيجيبت عن طرح علامات استفهام حول بيانات وزارة الداخلية وخطابها الرسمي في إطار مكافحة الإرهاب، كما انخفضت بشكل ملحوظ وتيرة المقابلات مع المعارضين السياسيين.
بيد أن هذا التوجه الجديد القائم على الحذر لم يحل دون حجب موقعي ديلي نيوز إيجيبت والبورصة في إطار حملة رقابة واسعة تشمل أكثر من 400 موقع، بما فيها موقع مراسلون بلا حدود.
وفي هذا الصدد، يوضح عادل صبري، رئيس تحرير موقع مصر العربية المحجوب حالياً، أن توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة عبر ادعاء دعم وسائل الإعلام لجماعة الإخوان المسلمين يساهم في تبرير حجب المواقع الإلكترونية بشكل أو بآخر، علماً أن الموقع الذي يديره بات على وشك الانتقال إلى وصاية أخبار اليوم.
يُذكر أن مصر تقبع في المرتبة 161 (من أصل 180) في نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.