رغم الحيوية التي تميز بعض المجموعات الإعلامية في ساموا، فإن مكانة البلاد النموذجية على صعيد حرية الصحافة في منطقة المحيط الهادئ كانت مهددة خلال السنوات الأخيرة، في ظل الضغوط الاستبدادية التي كان يمارسها رئيس الوزراء السابق على الصحفيين ووسائل الإعلام.
المشهد الإعلامي
تجسد ساموا أوبزرفر النضال من أجل حرية الصحافة، علماً أن هذه الصحيفة اليومية المستقلة التي تأسست في عام 1978، كان عليها في الماضي الصمود أمام مخلفات الحريق الذي طال مقرها بعد إضرام النار فيه عمداً، ناهيك عن التهديدات التي تطال صحفييها بانتظام. وبعد أن تمكنت من مقاومة كل الضغوط، باتت ساموا أوبزرفر صحيفة مرجعية في البلاد، بل وأضحت قدوة للعديد من المنابر الإعلامية في منطقة المحيط الهادئ. أما الصحيفة الرئيسية الأخرى في الأرخبيل، سافالي، فهي أسبوعية مملوكة للدولة وتصدر باللغتين الساموية والإنجليزية، علماً أنها تركز بالأساس على إبراز الأنشطة الحكومية. وفي المقابل، تتصدر قناة تيفي1 المشهد التلفزيوني، وهي التي انبثقت عن خصخصة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. أما مجموعة تالاموا الخاصة، فهي تمتلك العديد من القنوات والمحطات الإذاعية، وعلى رأسها راديو ساموا إف إن، بينما تقدم الإذاعة الوطنية نفسها على أنها "صوت الأمة".
السياق السياسي
رغم تاريخ النظام الديمقراطي في ساموا، ظل حزب واحد ماسكاً بزمام السلطة لمدة أربعة عقود، حتى وصول رئيسة الوزراء فيامو نعومي ماتافا وحزبه في أبريل/نيسان 2021. فبعدما ظل يحكم البلاد منذ عام 1982، مُني حزب حماية حقوق الإنسان بالهزيمة في الانتخابات الأخيرة، علماً أن سقوطه هذا يرجع جزئياً إلى رغبته في إصلاح القانون العرفي والإطار الدستوري، الأمر الذي كان من شأنه أن يقوض حرية الصحافة، التي لا تزال مع ذلك تئن تحت وطأة جزء من الطبقة السياسية في ساموا.
الإطار القانوني
صحيح أن السلطات ألغت القانون المتعلق بتجريم التشهير في عام 2013، لكن كل تلك الآمال تبخرت عندما عادت لاعتماد نفس القانون في ديسمبر/كانون الأول 2017، تحت ضغط من رئيس الوزراء تويلايبا سايليلي، وذلك بهدف معاقبة من يجرؤون على انتقاد أعضاء الحكومة. هذا ولا يملك الصحفيون أية ضمانات تتيح لهم الوصول إلى المعلومات العامة، وهو ما ظهر بوضوح من خلال رفض الحكومة إتاحة المعلومات لوسائل الإعلام والتواصل مع الصحفيين بانتظام خلال الأزمتين الصحيتين اللتين مرت بهما البلاد: وباء الحصبة الخطير (2019) وجائحة كوفيد -19 (منذ 2020).
السياق الاقتصادي
تتعايش وسائل الإعلام العامة والخاصة في ساموا، وإن كان لكل منها طريقتها الخاصة في الحصول على التمويل. وسواء كانت من هذا الطرف أو ذاك، فإن المنابر الإعلامية تقف على قاعدة مالية هشة، مما يترتب عنه فصل الموظفين في حال حدوث أزمة من أي نوع، كما هو الحال منذ بداية جائحة كورونا.
السياق الاجتماعي والثقافي
يعتنق 98٪ من سكان ساموا الديانة المسيحية، علماً أن بصمة الكنائس البروتستانتية والكاثوليكية حاضرة بقوة في وسائل الإعلام. وقد تفاقم هذا الاتجاه منذ عام 2017، عندما أدرجت ساموا المسيحية في ديباجة الدستور باعتبارها دين الدولة. وفي هذا السياق، تم استبعاد العديد من الموضوعات من النقاش العام، مثل العنف الجنساني والمثلية الجنسية ومسألة الإجهاض. وقد تأكد هذا الاتجاه بوصول حزب فاست إلى السلطة عام 2021.
الأمن
النقابة الوطنية للصحفيين في ساموا هي المجموعة الرائدة في الدفاع عن حرية الصحافة في البلاد. ومن مؤشرات تفاقم الوضع تهديد رئيس الوزراء تويلايبا بحظر فيسبوك، خلال عام 2020، علماً بأنه رفع بنفسه دعوى ضد أحد المدونين بتهمة التشهير رداً على تعليقات لم تنل رضاه. وفي مايو/أيار 2023، حذر نقيب الصحفيين، لاجي كيروسوما، من أن حرية التعبير " لا تعني أنه يمكنك التشهير بالآخرين أو الإساءة إليهم"، رغم أن دستور ساموا ينص على هذه الحرية بشكل واضح.