قانون لحماية الصحافيين: تعويذة تشريعية عقيمة وحتى خطرة
المنظمة
أقرّ البرلمان العراقي قانوناً لحماية الصحافيين في 9 آب/أغسطس 2011. وكان مشروع القانون هذا قيد المناقشة منذ العام 2009.
يتضمّن القانون تعديلات بالنسبة إلى مشروع القانون الذي رفع إلى البرلمان في أيار/مايو الماضي لأخذه بعين الاعتبار التعليقات الكثيرة المنشورة في ذلك الوقت وخاصة تلك التي تقدّمت بها منظمة مراسلون بلا حدود في رسالة وجهتها إلى السلطات في 10 أيار/مايو (وأصدرتها في 16 أيار/مايو 2011) -. وبهذا، يحرز القانون تقدماً ملحوظاً.
أقرّ البرلمان العراقي قانوناً لحماية الصحافيين في 9 آب/أغسطس 2011. وكان مشروع القانون هذا قيد المناقشة منذ العام 2009.
يتضمّن القانون تعديلات بالنسبة إلى مشروع القانون الذي رفع إلى البرلمان في أيار/مايو الماضي لأخذه بعين الاعتبار التعليقات الكثيرة المنشورة في ذلك الوقت وخاصة تلك التي تقدّمت بها منظمة مراسلون بلا حدود في رسالة وجهتها إلى السلطات في 10 أيار/مايو (وأصدرتها في 16 أيار/مايو 2011) - (http://arabia.reporters-sans-frontieres.org/article.php3?id_article=32027). وبهذا، يحرز القانون تقدماً ملحوظاً.
لكنه يبدو أنه تمت إزالة بعض الأحكام المنتقدة من دون أن تسجّل فعالية القانون وفائدته بالمجمل أي نجاح في هذا الصدد. فإذا بسلسلة من 19 مادة تفتقر إلى التدابير الملموسة بالرغم من الوعود الكريمة والجديرة بالثناء بحماية الصحافيين (كما في النسخة القديمة) وتعزيز حقوق الصحافيين وضمان الحماية اللازمة لهم.
إن تصريح الرئيس العراقي جلال طالباني بأن الأسباب الموجبة لتصديق قانون حقوق الصحافيين يأتي احتراماً لحرية الصحافة والتعبير وضماناً لحقوق الصحافيين العراقيين وورثتهم وتوكيداً لدورهم الهام في ترسيخ الديمقراطية في العراق الجديد، يقتصر على إعلان نوايا.
ما هي التدابير الملموسة؟ هل تكمن في فرض عقوبات في حال ارتكاب انتهاكات للمبادئ المنصوص عليها في القانون، وإنشاء صندوق تعويضات، وإخضاع الشرطة أو السلطات القضائية لدورات تدريبية حرصاً على حماية الصحافيين، وملاحقة المخالفات المرتكبة ضد الصحافة، واتخاذ تدابير لإلغاء عقوبات السجن ضد الصحافيين، وإصدار أحكام خاصة تعنى بسرية المصادر والوصول إلى المعلومات؟
إن غموض النص وشوائبه الخطيرة غير مفهومة لدرجة أن عدة منظمات، بما في ذلك مراسلون بلا حدود، أطلقت انتقادات أساسية وتقدّمت باقتراحات ملموسة لتحسين النص فضلاً عن توصيات لتحصين حماية الصحافيين ومكافحة الإفلات من العقاب.
لذلك، ترى مراسلون بلا حدود أن تبنّي هذا القانون الذي يهدف إلى حماية الصحافيين العراقيين لن يساهم في تحسين الوضع وإنما قد يشكل تهديداً جديداً لحرية الصحافة والإعلام للأطراف المعنية.
إن ثلاثة بنود فقط تحمّل السلطات التزامات بدعم الصحافيين. وتنص المادة 3 في صيغة غامضة على أن دوائر الدولة والقطاع العام والجهات الأخرى التي يمارس الصحافي مهنته أمامها تلتزم تقديم التسهيلات التي تقتضيها واجباته بما يضمن كرامة العمل الصحافي. وتذكر المادتان 11 و12 التعويض عن الصحافيين المستقلين فقط وتوفير الرعاية الطبية المجانية من دون التقدّم بالمزيد من المعلومات حول نظام رعاية فعلي.
يتوقف ضمان الحماية الفعالة لاستقلالية الإعلاميين وسلامتهم الجسدية ومكافحة إفلات الجناة من العقاب على التزام السلطات العراقية باتخاذ تدابير ملموسة وتوفير الوسائل الفعالة من دون أن يقتصر عملها على مجرد إعلانات نوايا.
تعليق أكثر تفصيلاً
لكنه لا يسع مراسلون بلا حدود إلا أن تشدد على أن النص يتضمن بعض التحسينات مقارنة بمشروع القانون. لم تعد العضوية في نقابة الصحافيين موجباً للاستفادة من حماية القانون. بالرغم من عدم الدقة ومواضع القصور، تحدد المادة 1 مفهومي الصحافي والمؤسسة الإعلامية اللذين كانا غائبين في مشروع القانون. بالإضافة إلى ذلك، تنص الفقرة 3 من المادة 10 على أنه لنقيب الصحافيين أو رئيس المؤسسة التي يعمل بها الصحافي أو من يخولانه حضور استجوابه أو التحقيق الابتدائي معه أو محاكمته. وبموجب أحكام هذه الفقرة، يمكن تفادي ممارسة الضغوط والتهديدات على المصادر. ولكنها ما زالت غير واضحة بالإجمال.أحكام غامضة جداً
إن تحديد مفهومي الصحافي والمؤسسة الإعلامية غامض وضيّق في المادة (1) باعتبار أن مفهوم الصحافة، على سبيل المثال، لم يعالج فيما أخذ التفرّغ لهذا النشاط المهني بعين الاعتبار. ولم يورد القانون أي معايير لمفهوم الحماية كما لم يوضّح الحقوق التي تحمي الصحافيين. أما المادة (2) فتشكل أساس هذه التعويذة التشريعية. وإذا كانت الحماية تمنح للصحافيين فقط، فلن يستفيد منها المعاونون الإعلاميون والمدوّنون وأي شخص يساهم في إعلام الرأي العام. إن الاعتراف بحق الصحافي في الاحتفاظ بسرية مصادر معلوماته (المادة 4 الفقرة 2) أمر إيجابي ولكنه غير دقيق ومن المؤسف أن يتم التطرّق إلى مسألة حماية المصادر على هامش المادة. وبهذا، لا توفّر هذه الفقرة أي حماية فعلية. الإشراف الدائم باحترام القوانين أو القرارات القضائية يربط القانون مجمل حقوق الصحافيين بمفهوم احترام القانون، وهذا ما لا يؤمن أي حماية إضافية إلى جانب أنه واقع مربك. ويثير القانون هذا المبدأ الغامض غير مرة من دون الإشارة إلى المضمون أو المادة القانونية المعنية، ما يشكل خطراً كبيراً على ممارسة هذه المهنة. هذه حال الحقوق التالية: - الحصول على المعلومات (المادة 4-1 و6-1) * إمكانية النفاذ إلى المعلومات والأنباء و البيانات والإحصائيات الملحوظة في الفقرة 1 من المادة 4 غير المحظورة من مصادرها المختلفة وذلك بحدود القانون تحوّل الحصول على المعلومات إلى عملية وهمية تخضع لأحكام تشريعية أخرى. * المادة (6) أولاً: للصحافي حق الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية وعلى الجهة المعنية تمكينه من الاطلاع عليها والاستفادة منها ما لم يكن إفشاؤها يشكل ضرراً بالنظام العام ويخالف أحكام القانون. من شأن أحكام هذه المادة أن تبطل التأكيد الإيجابي للحق في الحصول على المعلومات من دون التقدّم بتعريف واضح لمفهوم النظام العام. ويخشى أن يعمد الناس الذين يريدون فرض حظر على نشر معلومات معينة إلى التستر وراء هذا الموجب. ويزداد الخطر نظراً إلى عدم تفصيل الإجراء. ولم تلحظ أي إجراءات للطعن برفض الإدارة تقديم المستندات. - حرية نشر المعلومات المادة 5، الفقرة 2 (جديدة) - للصحافي حق التعقيب فيما يراه مناسباً لإيضاح رأيه بغض النظر عن اختلاف الرأي والاجتهادات الفكرية وفي حدود احترام القانون. - المادة 7 (استعادة) - لا يجوز التعرض إلى أدوات عمل الصحافي إلا بحدود القانون. إن المادة 7 التي يبدو أنها معدة لحماية أدوات عمل الصحافي غير واضحة نظراً إلى عدم تفسير مصطلحي أداة والتعرّض. فلا يمكن حماية معدّات الصحافيين من دون إدراج أحكام خاصة لهذه الغاية في أصول المحاكمات الجنائية في أثناء عمليات تفتيش المعدات ومصادرتها وضبطها بالإضافة إلى فرض عقوبات في حال انتهاك سرية المصادر. ويجب أن تبقى الاستثناءات لهذه الآلية استثنائية وتخضع لحكم قاضٍ مستقل. وبمجرّد ذكر أن الانتهاك ممكن بحدود القانون، تقضي المادة 7 على أي حماية. - المادة 8 (استعادة) يمكن التأكد من غموض هذا النص وعدم جدواه في المادة 8 التي تنص على أنه لا يجوز مساءلة الصحافي عما يبديه من رأي أو نشـر معلومات صحافية وإن لا يكون ذلك سبباً للإضرار به ما لم يكن فعله مخالفاً للقانون. إن الخلط بين مفهومي الرأي والمعلومات كما يرد في المادة 8 خطير. فمن الضروري أن يوضّح القانون الحالات، الخاضعة لإشراف صارم، حيث يمكن تحميل الصحافي المسؤولية من دون أن يكون ضرورياً التمييز بين الآراء والمعلومات. ويجب أن يتم هذا التوضيح وفقاً للمعايير القانونية الدولية. في بعض مواد النص، ينوب القاضي عن القانون ليجيز القيود المفروضة على حق الصحافيين. وإذا سلّمنا جدلاً بأن تحكيم القاضي مطمئن، فما من تفاصيل أو توجيهات ملحوظة للإحاطة بإجراءات السلطة القضائية هذه وأحكامها. ولا شك في أن غياب الدقة يزيد من خطر الاعتباطية: - تنص المادة 15 على أنه يحظر منع صدور الصحف أو مصادرتها إلا بقرار قضائي. بيد أنه يجب أن أن تبقى تدابير الحظر أو المصادرة المسبقة استثنائية ومحدودة للغاية في حال ارتكاب مخالفات خطيرة إذا لم تكن أي إجراءات أخرى أقل تقييداً ممكنة. - يبدو أن المادة (10) تهدف إلى حماية الصحافي من عمليات الاستجواب العنيفة ولكنه من الواضح والضروري لاحترام حقوق الدفاع أن يمنح القاضي الإذن لاستجواب أحد الصحافيين في حالات التحقيق معه عن جريمة منسوبة إليه مرتبطة بممارسة عمله الصحافي. ولحماية الصحافيين بشكل فعّال، يجدر بالسلطات أن تبدأ بإلغاء العقوبات من جنح الصحافة بدلاً من وصف المخالفات المحتملة بـالجرائم. في النهاية، بعيداً عن اقتراح نظام للحماية الاجتماعية وأحكام تتعلق بحقوق الصحافيين، ينص القانون على مبادئ عامة شأن موجب إبرام عقد عمل أو منع الفصل التعسفي ويشير، من دون الخوض في التفاصيل، إلى قانون العمل.Publié le
Updated on
16.04.2019