فلسطين: 35 صحفياً على الأقل ضحايا العنف أثناء المظاهرات
استهدفت الشرطة الفلسطينية بعنف العديد من المراسلين خلال المظاهرات المنددة بوفاة ناشط حقوقي ناقد للرئيس محمود عباس. وإذ تدين مراسلون بلا حدود بشدة هذا العنف الشنيع، فإنها تدعو السلطات الفلسطينية إلى عدم التسامح مع أي انتهاك لحرية الصحفيين في أداء رسالتهم الإعلامية.
إننا أمام موجة من القمع المنهجي. ففي غضون أسبوع، تعرض ما لا يقل عن 35 صحفياً للعنف على أيدي قوات الأمن الفلسطينية أثناء تغطيتهم للمظاهرات المنددة بوفاة الناشط الحقوقي نزار بنات، المعروف بنقده اللاذع للسلطة الفلسطينية ولاسيما الرئيس محمود عباس، وذلك من خلال مقاطع فيديو كان ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي وافته المنية في 24 يونيو/حزيران أثناء احتجازه من قبل السلطات، وهو ما أثار موجة من الغضب في الضفة الغربية.
فمنذ وفاة نزار بنات، تخللت العديد من المظاهرات اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، حيث أفاد العديد من الصحفيين بتعرضهم خلال تغطية الاحتجاجات لشتى أنواع العنف، وما صاحب ذلك من تهديدات ومطاردات وتدمير معدات ورشق بالحجارة وإطلاق للغاز المسيل للدموع... كما اتخذت الاعتداءات أشكالاً متعددة، وكانت بالأساس على أيدي رجال بزي مدني يتصرفون بكل طلاقة أمام إفلات تام من العقاب، حيث لا تحرك الشرطة ساكناً أمام تدخلهم، إن لم تكن تزكي تلك الأفعال وتشارك فيها. وأمام هذا العنف الشديد، دعا نحو خمسين صحفياً الأمم المتحدة يوم الاثنين 28 يونيو/حزيران إلى "اتخاذ إجراءات ضرورية وفورية" لحمايتهم، علماً أنه من المقرر تنظيم مزيد من الاحتجاجات في الضفة الغربية يوم السبت 3 تموز/يوليو.
وفي هذا الصدد، قالت صابرين النوي، مسؤولة مكتب الشرق الأوسط في مراسلون بلا حدود، "إن منظمتنا تدين بأشد العبارات القمع العنيف المُرتكب ضد الصحفيين، والذي لا شك في طبيعته المنهجية"، مضيفة أن "الشهادات الصارخة تُظهر أن كل شيء أصبح مباحاً في سبيل منع الصحفيين من أداء عملهم. من غير المقبول أن يجد الفاعلون الإعلاميون أنفسهم مستهدفين عمداً من كل حدب وصوب، كما حصل في هذه الحالة. ولذلك تدعو مراسلون بلا حدود السلطات إلى عدم التسامح مع أي انتهاك لحرية الصحفيين في أداء رسالتهم الإعلامية".
هذا وقد تم استهداف الصحفيات بشكل خاص في خضم دوامة العنف الأخيرة، حيث أوضحت الصحفية المستقلة سجى علمي في اتصال أجرته معها مراسلون بلا حدود: "لم نكن نرتدي سترة "الصحافة" يوم الخميس، إذ لم نشعر أننا بحاجة إلى دروع واقية وسط المدينة ولم نتوقع أن تعرض لقمع من هذا القبيل. لكنني ارتديت السترة يوم السبت ومعها قناع واقٍ من الغاز".
من جهتها، أكدت شذى حماد، مراسلة ميدل إيست آي، أن أحد أفراد الشرطة أطلق باتجاهها قنبلة صوتية عن سبق إصرار، مما تسبب لها في نزيف حاد نُقلت على إثره إلى المستشفى. وتقول زميلتها نجلاء زيتون، التي تعمل في شبكة قدس الإخبارية، إنها تعرضت للضرب وتلقت تهديدات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي. وعندما قالت للمعتدين عليها إنها صحفية، رد أحدهم بالقول: "هذا الأمر لا يعنيني".
أما مراسلة "فيليستين تايم"، سارة الرفاعي، فقد أوضحت أن شرطياً أمرها بالتوقف عن التصوير ثم أمسكها بعنف من كمها قبل أن يتدخل زميل للدفاع عنها. أما فيحاء خنفر (من جي-ميديا)، فقالت إن شخصاً بملابس مدنية خطف هاتفها منها قبل أن يدفعها آخر بعنف أرضاً. وبعد استعادة وعيها، طلبت المساعدة من أحد رجال شرطة، لكنها فوجئت لسماع زميله يهمس قائلاً "لا تهتم لحالها".
كما أكد العديد من الصحفيين تعرضهم لحملات تشهير واسعة على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، كما هو حال الصحفية المستقلة فاتن علوان، التي أوضحت في اتصال أجرته معها مراسلون بلا حدود أنها مُدرجة على "قائمة سوداء" إلى جانب صحفيين آخرين، حيث تُتَّهم بأنها عميلة لأمريكا.
يُذكر أن فلسطين تقبع في المرتبة 132 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.