عام على اغتيال خاشقجي: مراسلون بلا حدود تنظم وقفة أمام القنصلية السعودية في باريس
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الصحفي جمال خاشقجي، الذي قُتل في إسطنبول بتاريخ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، نظمت مراسلون بلا حدود وقفة أمام القنصلية السعودية في باريس، حيث تم وضع عشرات من الجثث الوهمية المقطعة الأوصال. كما كانت هذه المبادرة تهدف إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي تطال حقوق وسائل الإعلام السعودية، مما يكرس صورة مشينة عن المملكة.
لطالما أثبت القتلة المأجورون لدى تجار المخدرات المكسيكيين قدرتهم على تقطيع أجساد الصحفيين وترك جثثهم في مقالب القمامة العامة، في إطار مساعي دوائر الإجرام إلى كبح جماح التحقيقات وبث الرعب في نفوس زملاء الضحايا. لكن من كان يتصور أن بعضاً من كبار الموظفين الحكوميين قادرون على ارتكاب جريمة بهذه البشاعة داخل مبنى دبلوماسي؟ هذا بالضبط ما حصل في قضية اغتيال الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، أمام ذهول العالم بأسره.
بعد عام على تلك الجريمة البشعة، وبالضبط في 1 أكتوبر/تشرين الأول، نظمت مراسلون بلا حدود وقفة احتجاجية أمام مدخل القنصلية السعودية في باريس، حيث تم وضع عشرات من الجثث الوهمية المقطعة الأوصال، وهي تحمل شارة "الصحافة". وسعت المنظمة من خلال هذه الخطوة إلى لفت انتباه العاهل السعودي وولي عهده إلى هول الصدمة التي مازالت أصداؤها تهز العالم بأسره منذ ذلك الاغتيال الوحشي، وهو ما ينعكس من خلال تعدد الجثث الوهمية المعروضة أمام باب القنصلية.
لا يمكن للمملكة العربية السعودية تولي رئاسة مجموعة العشرين دون أن يحثها المجتمع المدني، ومعه الزعماء الأجانب، على تحمل جميع عواقب هذا الاغتيال، وعلى رأسها ضمان حرية الإعلام وحماية الصحفيين. ذلك أن صورة المملكة ومكانتها الدولية لا يمكن أن تعود إلى وضعها الطبيعي إلا إذا تعهدت السلطات السعودية بالتزامات واضحة.
وفي هذا الصدد، قال كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، "إن اغتيال جمال وطريقة التعامل مع التحقيقات أمر ينم عن ممارسات همجية وشعور بالإفلات من العقاب على نحو غير مقبول بتاتاً". وأضاف ديلوار في معرض حديثه من أمام مقر القنصلية السعودية في العاصمة الفرنسية: "بينما ننتظر تسليط الضوء بالكامل على هذه القضية، فإننا نعتبر أن توقيع عقوبة الإعدام على منفذي الجريمة من شأنه أن يمثل وسيلة لإسكاتهم إلى الأبد بهدف طمس الحقيقة. لأولئك الذين كانوا في غفلة من أمرهم، كشفت هذه الجريمة الشنعاء سياسة السعودية في إسكات الصحفيين، القائمة على الاحتجاز التعسفي والتعذيب والخطف بل والقتل أيضاً".
في تصريح لقناة بي.بي.إس الأمريكية بتاريخ 26 سبتمبر/أيلول الماضي، أقر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمسؤوليته عن اغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي، مضيفاً أن "هذا حدث في ظل ولايتي، وأنا أتحمل كامل المسؤولية"، لكنه أنكر في الوقت نفسه علمه بالجريمة قبل تنفيذها. وبغض النظر عن هذه التصريحات التي تبدو بعيدة عن الصحة، فإن تحمل المسؤولية ينطوي على وضع حد للانتهاكات التي تطال حرية الصحافة في المملكة.
وفي هذا الصدد، تدعو مراسلون بلا حدود السلطات السعودية للإفراج الفوري واللامشروط عن الصحفيين والكتاب والمدونين الثلاثين المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير، ومن بينهم صحفي جريدة الوطن، صالح الشيحي، المحكوم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "الإساءة إلى الديوان الملكي"، والصحفي-المواطن رائف بدوي، الذي حُكم عليه في 2014 بالسجن لمدة 10 سنوات بالإضافة إلى 1000 جلدة لمجرد فتح نقاشات حول المجتمع السعودي على موقعه، فضلاً عن الناشطتين النسائيتين نوف عبدالعزيز ونسيمة السادة، اللتين اعتُقلتا في يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2018 على التوالي.
فمنذ تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في عام 2017، تضاعفت أعداد الصحفيين والمدونين المحتجزين في سجون المملكة، حيث يُقدر عددهم حالياً بما لا يقل عن 28، علماً أن السعودية تقبع في المرتبة 172 (من أصل 180 بلداً) على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في وقت سابق هذا العام.