صحّة بوتفليقة: \"مراسلون بلا حدود\" تشجب رفض نشر صحيفتين
تندد منظمة مراسلون بلا حدود بمصادرة السلطات الجزائرية، يوم 18 مايو/أيار 2013، لصحيفتي جريدتي ومونجورنال بسبب نشرهما معلومات تشير إلى تدهور الوضعِ الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. في اليوم الموالي أصدرت النيابة العامة بيانا أعلنت فيه عزمَها فتح تحقيق قضائي، ضد مدير نشر الصحيفتين هشام عبّود، بتهمة المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي. الصحافي متّهَمٌ بنشر تصريحات مغرضة أدلى بها لبعض القنوات الإعلامية الأجنبية ومنها فرانس 24 (...) بخصوص الحالة الصحية لرئيس الجمهورية.
إنّ منظمة مراسلون بلا حدود ترى أن قرار السلطات الجزائرية غيرُ مفهوم وغيرُ مبرَّر في آن واحد. حتى ولو كان نشر معلومات مثيرة للقلق عن الوضع الصحي لرئيس دولة يزاول مهامه من شأنه أن يثير نوعا من الاضطراب، فإنّ اعتبار ذلك مساساً بأمن الدولة أمر يدعو فعلا للنظر. لا نجد أيَّ مبرِّر يجعل التعرُّضَ إلى هذا الموضوع أمراً محرَّماً. بالعكس، إنّ من مصلحة الشعب أن يكون على اطلاع بما يتعلق بصحة رئيسه وبالتبعات السياسية التي يمكن أن تنجرّ عن شغور منصبه.
كما تتساءل المنظمة في ما يتعلق بعزم النيابة فتحَ تحقيق قضائي، كيف يحدث مثل هذا وقد كان هشام عبود ضحية رقابة مسبقة ولم يتمكن حتى من نشر المعلومات محلَّ المتابعة؟.
في اتصال مع مراسلون بلا حدود، يقول هشام عبّود: مساء يوم السبت (18 مايو/أيار)، عندما أُرسِلت الصفحات إلى المطبعة، تلقيتُ اتصالا من وزارة الاتصال يطلبون مني سحب الصفحتين الثانية والثالثة إضافة إلى الصفحة الأولى. أجبتهما أنّ ذلك غير ممكن لأسباب تقنية بحتة، وأيضا أخلاقية. فأنا أرفض أيَّ شكل من أشكال الرقابة أو الرقابة الذاتية. وهكذا رفضت السلطات أن تتولى المطبعة العمومية طبع نسخة يوم الأحد 19 مايو/أيار.
يضيف مدير النشر أنّ شخصا من المطبعة تنقّل إلى مقر الصحيفة يطلب توقيع وثيقة تثبت أننا نحن الذين رفضنا طبع الصحيفة. واعتبر أن بيان النيابة العامة هو الانزلاق الثاني. حتى الآن لم أتلقّ أي استدعاء، لا من الشرطة ولا من القاضي. وختم قائلاً إن الرئاسة لا تتواصل مع الصحافة، مسبِّبةً نوعا من التعتيم الإعلامي.
كما أشار هشام عبّود إلى أنّه لم يعد بالإمكان فتح الموقعين الإلكترونيَّين للصحيفتين منذ يوم 19 مايو/أيار، وأنّ عددَيْ 20 و21 أيار/مايو حوّلتهما المطبعة إلى وزارة الاتصال وإلى مصالح الرئاسة للتأشير عليهما. مراقبة صارمة لا تُطبَّقُ، حسبه، على باقي الصحف.
في حوار مع الموقع الإلكتروني (آلجيري فوكيس)، قال هشام عبّود: لو كانت هذه المعلومات غير مؤسسة، فمن الأوْلى بالسلطات أن تنشر بيانا للطبيب الشخصي للرئيس لنفي هذه المعلومات، أو أفضَلَ من ذلك، أن تبثَّ صوراً للسيد بوتفليقة.
على كل حال، إن هذه القضية تسلِّط الضوء على وجود نوعٍ من الممارسات الاحتكارية في مجال الصحافة المكتوبة، والتي لم تفتأ منظمة مراسلون بلا حدود تندّد بها، وهذا رغم فتح القطاع منذ عام 1990. وتظل هذه الممارسات سلاحا في يد النظام الحاكم لفرض رقابة مباشِرة أو غير مباشِرة على الصحف. إضافة إلى أن الصحف تظل رهينة الوكالة الوطنية للنشر والإشهار في ما يتعلق بالاستفادة من مداخيل الإعلانات العمومية، كما أنّ معظمها تبقى تحت رحمة المطابع العمومية وشبكات التوزيع التي تتحكّم فيها الدولة. إذا كان منع طبع جريدتي ومونجورنال (اللتين انطلقتا يوم 7 يونيو/حزيران) سابقة، فإن الوضع صار بمثابة سيف داموقليس مسلَّطاً على الصحف والإعلاميين الجزائريين.