حظر وشيك لقناة الجزيرة في إسرائيل: رقابة غير مسبوقة بعد أشهر من التصعيد
تدعو مراسلون بلا حدود إلى إبطال القانون الذي أقره البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، والقاضي بحظر بث وسائل إعلام أجنبية في إسرائيل، مستهدفاً قناة الجزيرة بالأساس، وذلك في خطوة تنم عن رقابة غير مقبولة في حق منبر إخباري يُعد من آخر المنابر الإعلامية الدولية التي يمكنها نقل الأحداث الجارية في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
"لن تعود قناة الجزيرة الإرهابية للبث من إسرائيل بعد الآن". بهذه الكلمات أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" نتيجة التصويت السريع على قانون يحظر أنشطة القناة القطرية، حيث أقر الكنيست هذا القانون في 1 أبريل/نيسان بأغلبية وصلت إلى 71 صوتاً مسانداً مقابل 10أصوات معارِضة، ويتعلق الأمر بنص يحظر مؤقتاً "بث وسائل الإعلام الأجنبية التي تهدد أمن الدولة في إسرائيل"، مما سيترتب عنه أيضاً إغلاق مكاتب وسائل الإعلام المعنية داخل البلد، مع مصادرة معداتها وحجب مواقعها على الإنترنت. ويستهدف هذا القانون تحديداً قناة الجزيرة، وهي واحدة من القنوات الدولية القليلة التي لا تزال تغطي الحرب على غزة من داخل القطاع.
"تحاول إسرائيل بشتى الوسائل إسكات قناة الجزيرة بسبب تغطيتها لواقع محنة الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. وإذا يُعتبر التصويت في البرلمان الإسرائيلي على فرض رقابة على قناة الجزيرة أمراً غير مقبول تماماً، فإن تصريحات نتنياهو الافترائية ضد صحفييها مرفوضة رفضاً باتاً. وفي هذا الصدد، تطالب مراسلون بلا حدود السلطات الإسرائيلية بالكف عن تصعيدها العنيف ضد قناة الجزيرة، معتبِرة أن إضفاء هذا الطابع التشريعي على الرقابة، تحت ذريعة القواعد الديمقراطية، والذي ينطوي على استهداف ضمني لوسيلة إعلامية معيَّنة، إنما يشكل سابقة خطيرة محفوفة بالتهديدات للصحافة في إسرائيل.
بعد اتهام الجزيرة بأنها "جهاز دعاية لصالح حماس"، ووصف صحفيي القناة مراراً وتكراراً بأنهم "عملاء إرهابيون"، أصبح لدى إسرائيل الآن الوسائل التشريعية لتنفيذ تهديداتها بإغلاق مكتب القناة، والذي يبدو وشيكاً، بعدما أكد حزب الليكود، الذي يقود الائتلاف الحكومي، أن رئيس الوزراء "سيتخذ فوراً التدابير اللازمة لإغلاق قناة الجزيرة".
هذا وكانت الحكومة الإسرائيلية قد وافقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 على لائحة تتيح إغلاق عدد من وسائل الإعلام الأجنبية، بما في ذلك قناة الجزيرة، وهو القرار الذي حظي بتأييد جهاز المخابرات الإسرائيلي، الموساد، الذي اعتبر أن الجزيرة "تُقوِّض" أنشطة جيش الدفاع الإسرائيلي و"تُعرِّضها للخطر".
مقتل وجرح صحفيون من الجزيرة جرَّاء غارات إسرائيلية
منذ بداية الحرب على غزة، قتل الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 103 صحفيين، علماً أن 22 منهم على الأقل لقوا حتفهم أثناء قيامهم بعملهم، ومن بينهم ثلاثة من مراسلي الجزيرة. ففي أوائل يناير/كانون الثاني 2024، قتلت غارة إسرائيلية الصحفي حمزة الدحدوح - ابن وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة - وزميله مصطفى ثريا. وهو ما علَّق عليه وائل الدحدوح من خلال مقولته الشهيرة: "ينتقمون منا في أولادنا.. معلش!". ولم يمر سوى شهر واحد حتى أصيب هو الآخر في غارة إسرائيلية، أسفرت عن مقتل زميله مصور القناة، سامر أبو دقة. كما تُعد مراسلة الجزيرة كارمن جوخدار من صحفيين الستة الذين أصيبوا في غارة استهدفت جنوب لبنان بتاريخ 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن مقتل مراسل رويترز، عصام عبد الله.
وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول بفترة ليست بالقصيرة، كانت الجزيرة قد فقدت أحد أبرز رموزها باغتيال مراسلتها الشهيرة شيرين أبو عاقلة برصاص الجيش الإسرائيلي في 11 مايو/أيار 2022 بينما كانت بصدد تغطية ميدانية من مدينة جنين في الضفة الغربية. هذا وكانت مراسلون بلا حدود قد ناشدت المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في تدمير مباني ما لا يقل عن 20 وسيلة إعلامية في غزة جراء القصف الذي شنه الجيش الإسرائيلي على القطاع في مايو/أيار 2021