حرية الصحافة: نداء مراسلون بلا حدود إلى المترشحين للانتخابات الرئاسية في تونس
بقلم كريستوف دولوار، أمين عام مراسلون بلا حدود وسهيب خياطي مدير مكتب شمال إفريقيا
لا ديمقراطيّة دون انتخابات حرة وشفافة، تظل هذه قناعتنا ونحن إزاء الانتخابات الرئاسية الثانية منذ الثورة التونسية، والتي تمثل مرحلة جديدة لتجذير الديمقراطية في هذه البلاد. كما أنه لا يمكن ضمان مستقبل الحريات إن لم تُضمن حرية واستقلالية وتعددية الصحافة.
وقد تمكّنت مراسلون بلا حدود خلال أيام قليلة من الحصول على توقيعات 13 مترشحا تعهدوا بحماية ودعم حق المواطنين الأساسي في الإعلام. وتعتبر حرية الإعلام أبرز مكسب للثورة التونسيّة. واليوم، رغم التقدّم الذي تحقّق فإنّ استقلالية التحرير ورفض الرقابة لازالت أهمّ ما يناضل من أجله الصحافيون التونسيون. فهذه الحرية التي تحققت كانت مهدّدة في مناسبات عديدة عن طريق الترهيب والمسّ باستقلالية التحرير ومحاولات الرقابة. وقد أمكن لقطاع الصحافة وللصحافيين التونسيين الصمود والتقدّم من أجل الاضطلاع بدورهم كسلطة رابعة وعماد الديمقراطية الناشئة في تونس.
ورغم تقدّم تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي تُصدره مراسلون بلا حدود، من المرتبة 164 سنة 2011 إلى المرتبة 72 سنة 2019، فإنّ ذلك لا يحجب البطء الذي ميّز اعتماد إطار قانوني خاص بقطاع الإعلام في تونس. ومع هذا فإنّ أسسا هامة وقع ارساؤها، خلال ثماني سنوات، لتحويل وسائل الإعلام إلى مؤسسات مهنيّة وحرة ومستقلة وموضوعيّة. وهذا ثمرة إرادة الصحافيين التونسيين للتحرّر، والتي دعمتها منظمات حقوق الإنسان المعنية بحرية الإعلام. وتبقى هذه المكاسب مهدّدة بسبب رهانات الانتقال الديمقراطي.
لقد تمّ فعليا شقّ الطريق نحو حرية الصحافة في تونس، ويبقى من الضروري حمايتها وتحصينها. وسيكون هذا الأمر من مهام رئيس الجمهورية القادم الذي يُعتبر حاميا للدستور. وقد التزم الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، باسم تونس، بدعم المبادرة حول الإعلام والديمقراطية، مع 11 رئيس دولة وحكومة آخرين، وذلك في 11 نوفمبر 2018 بمناسبة مؤتمر السلم بباريس، وكان التزامهم على قاعدة الإعلان الذي أعدته لجنة الإعلام والديمقراطية بمبادرة من مراسلون بلا حدود. واكّدت هذه اللجنة، في إعلانها الذي أطلقته في 5 نوفمبر 2018، أنّ الفضاء العمومي للإعلام والاتصال مُشتركٌ للإنسانية تُضمن فيه حرية وتعددية المعلومات التي يجب أن تكون موثوقة.
توجّهت مراسلون بلا حدود إلى أبرز المترشحين للانتخابات الرئاسية بإعلان من ستّ نقاط يعلنون من خلاله التزامهم باحترام حرية واستقلالية وتعددية الصحافة على أساس الدستور التونسي و إلتزامات تونس الدولية في مجال حرية الإعلام. وقد أعرب كل المترشحين، الموقعين على هذا الإعلان، عن إرادتهم مواصلة دعم المسار السياسي المتعلق بالإعلام والديمقراطية. وسيكون على رئيس الجمهورية تقديم مبادرات تشريعية تضمن حماية الصحافيين واستقلالية الهيئات التعديلية لقطاع الإعلام، مع دعم جهود المجتمع المدني في هذا المجال.
وتلتزم مراسلون بلا حدود بمواصلة العمل مع كل الذين ناضلوا من أجل حرية واستقلالية وتعددية الصحافة في تونس. ونعتبر أنّ هذا الالتزام لا يقتصر على هذه المناسبة الانتخابية، ويجب أن يتحوّل إلى آلية تغيير تعمل على القطع النهائي مع كل محاولات منع الصحافيين من أداء مهامهم أو الحدّ من قدرتهم على ذلك.
عاشت الصحافة حرة ومستقلة وتعددية