الترتيب العالمي لحرية الصحافة للعام 2006

إسرائيل، لبنان، السلطة الفلسطينية : الحرب مقبرة لحرية التعبير

تنشر منظمة مراسلون بلا حدود اليوم الترتيب العالمي الخامس لحرية الصحافة الذي يشهد تصدّر بعض الدول النامية الترتيب متقدّمةً على الديمقراطيات الغربية فيما لا تزال الدول الأكثر قمعية على حالها. وفي هذا الإطار، أعلنت منظمة مراسلون بلا حدود: لسوء الحظ، لم يعرف أسوأ صيّادي حرية الصحافة في العالم أي تغيير على الإطلاق. فلا يزال الصحافيون في شمال كوريا، وإريتريا، وتركمانستان، وكوبا، وبورما، والصين يدفعون الثمن من أرواحهم أو حريتهم بهدف إعلام الرأي العام. ونظراً إلى خطورة الوضع، ينبغي أن يتقبّل قادة هذه الدول النقد ويتوقفوا عن قمع وسائل الإعلام بكل من أوتي لهم من عنف. وأضافت المنظمة: تقدّمت دول جديدة من الجنوب على الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، مما يؤكد مجدداً على أن الدول، مهما كانت فقيرة، تستطيع أن تحترم حرية التعبير. إلا أن تدهور الوضع البطيء ولكن المستقر في الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، واليابان يقلقنا كثيراً. أما الثلاثي الفتّاك لحرية التعبير (كوريا الشمالية، المرتبة 168 والأخيرة - تركمانستان، المرتبة 167 - إريتريا، المرتبة 166) فما كان منه إلا أن شدّد لهجته. ومن أبرز الأمثلة على هذا الوضع القمعي، موت الصحافية التركمانستانية أوغولسابار مورادوفا تحت التعذيب في السجن نظراً إلى بطش الرئيس لمدى الحياة سيبارموراد نيازوف الذي لم يوفر وسيلة للتنكيل بكل من يجرؤ على انتقاده. كذلك، تعبّر مراسلون بلا حدود عن قلقها الشديد حيال مصير الصحافيين الإريتريين المعتقلين سراً منذ أكثر من خمسة أعوام فضلاً عن مصير الصحافيين الخاضعين لسطوة كيم جونغ إيل الذي لا يزال يحافظ على سيطرته المطلقة على الصحافة في كوريا الشمالية. لا شك في أن دول أوروبا الشمالية لا تزال تحتل الصدارة في ترتيب حرية التعبير. فلم تسجّل أي حالة رقابة أو تهديد أو ترهيب أو مشادة جسدية في فنلندا وإيرلندا وإيسلندا وهولندا. تراجع الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وخسارة فرنسا بعض المراتب أيضاً خسرت الولايات المتحدة الأمريكية (المرتبة 53) تسع مراتب نسبةً إلى العام الماضي. فعندما أعدت منظمة مراسلون بلا حدود ترتيبها الأول في العام 2002، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة 17. إلا أن الوضع قد تدهور حالياً بين الصحافة وإدارة جورج بوش التي تذرّعت بالأمن القومي لتشتبه بكل صحافي قد يشكك في حربها ضد الإرهاب. أما اندفاع القضاء الفدرالي الذي لا يعترف بامتياز سرية المصادر على عكس الدول الـ 33 المنتمية إلى الاتحاد الأوروبي، فلا يتوانى عن تهديد الصحافيين حتى أولئك الذين لا يجرون تحقيقات ترتبط بقضايا الإرهاب. وعلى سبيل المثال، زجّ الصحافي المستقل والمدوّن جوش وولف في السجن لرفضه تسليم وثائقه المصوّرة فيما لا يزال المصوّر السوداني العامل في قناة الجزيرة سامي الحاج معتقلاً بلا مبرر منذ 13 حزيران/يونيو 2002 في قاعدة غونتانامو العسكرية شأنه شأن مصوّر وكالة أسوشيتد برس Associated Press بلال حسين المعتقل منذ 12 نيسان/أبريل 2006 في العراق. أما فرنسا (المرتبة 35) فخسرت خمس مراتب منذ العام الماضي و24 مرتبة في غضون خمسة أعوام. ويعود تدهور حرية الصحافة في هذا البلد إلى ازدياد عمليات تفتيش وسائل الإعلام واستنطاق الصحافيين، مما أثار قلق المنظمات المهنية والنقابات. كذلك، مر الصحافيون الفرنسيون بظروف صعبة في خريف العام 2005. فقد تم الاعتداء على عدد كبير منهم أو تهديدهم لدى نشوء النزاع النقابي حول تخصيص شركة النقل البحري SNCM في الجنوب الفرنسي وفي خلال التظاهرات العنيفة في الضواحي الفرنسية في تشرين الثاني/نوفمبر. في اليابان، أدى نظام أندية الصحافة القمعي (أندية كيشا) وتقدّم النزعة القومية التي أخذت تهدد بعض مكتسبات الديمقراطية إلى تراجع هذا البلد (المرتبة 51) 14 مرتبة. فقد وقعت صحيفة نيهون كيزاي Nihon Keizai ضحية هجوم عنيف فيما تعرّض عدة صحافيين للاعتداء على يد مجموعات تنتمي إلى اليمين المتطرّف (أويوكو uyoku). تبعات قضية الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد ﴿صلّى الله عليه وسلّم﴾ كان الدانمارك (المرتبة 19) الضحية الأولى لهذه القضية التي أفقدته الصدارة في الترتيب بسبب التهديدات الخطيرة الموجهة إلى واضعي الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد ﴿صلّى الله عليه وسلّم﴾ في خريف العام 2005. وللمرة الأولى في خلال السنوات الأخيرة، يضطر الصحافيون في هذا البلد الذي يولي احتراماً بالغاً للحريات الأساسية للاستعانة بحماية الشرطة. ومن ثم، خسر اليمن (المرتبة 149) 13 مرتبة نظراً إلى توقيف عدة صحافيين وإغلاق وسائل إعلام نشرت الرسوم الدانماركية بينما خضع عدة محترفين عاملين في مجال الصحافة للاستجواب للأسباب نفسها في الجزائر (المرتبة 126)، والأردن (المرتبة 109)، وإندونيسيا (المرتبة 103)، والهند (المرتبة 105). إلا أن كل دول الجزيرة العربية قد تقدّمت في الترتيب باستثناء اليمن والمملكة العربية السعودية (المرتبة 161). أما الكويت (المرتبة 73) فما زالت تحافظ على الصدارة في العالم العربي تليها الإمارات العربية المتحدة (المرتبة 77) وقطر (المرتبة 80). الحرب، مقبرة لحرية الصحافة انتقل لبنان من المرتبة 56 إلى المرتبة 107 في غضون خمسة أعوام. فلا تزال الصحافة اللبنانية تعاني الوضع السياسي الرديء السائد في المنطقة ولا سيما بعد سلسلة الاغتيالات التي شهدتها البلاد في العام 2005 والاعتداءات الاسرائيلية التي وقعت فيها في العام 2006. لذا، تحتاج وسائل الإعلام اللبنانية - التي تعد من الأكثر حرية وخبرة في العالم العربي - إلى جو من الهدوء والضمانات الأمنية لتستعيد عافيتها. أما عجز الحكومة في السلطة الفلسطينية (المرتبة 134) عن الحفاظ على الاستقرار في الأراضي الفلسطينية ونشاطات إسرائيل خارج حدودها (المرتبة 135) فتهدد ممارسة حرية التعبير في الشرق الأوسط. لا يختلف الوضع كثيراً في سريلانكا. فقد انتقلت هذه الدولة من المرتبة 51 في العام 2002 في زمن السلم إلى المرتبة 141 هذا العام إثر تجدد المعارك بين القوات المسلّحة والمتمرّدين التاميل. فقد تعرّض عشرات الصحافيين التاميل للتنكيل إثر اتهام أحد المحاربين لهم بمساندة الفريق الآخر. يتفاوت وضع حرية الصحافة في نيبال (المرتبة 159) على وقع النزاع الدائر في البلاد منذ عدة سنوات مع أن الثورة الديمقراطية التي هبت في نيسان/أبريل الماضي أدت إلى إعادة اكتساب الحريات الأساسية. فيتوقّع أن تتقدّم نيبال في الترتيب المقبل لحرية الصحافة. تغييرات ملائمة في الأنظمة أحياناً ما يعتبر تغيير رأس الدولة ملائماً لحرية الصحافة. فقد انتقلت هايتي من المرتبة 125 إلى المرتبة 87 في غضون سنتين إثر نفي الرئيس السابق جان - برتران أريستيد في أوائل العام 2004. واليوم، وعلى رغم بقاء اغتيالات الصحافيين فالتة من العقاب، إلا أن حدة العنف الممارس ضد وسائل الإعلام قد تراجعت نسبياً. أما توغو (المرتبة 66) فقد كسبت 29 مرتبة بعد موت جناسنبي إياديما في شباط/فبراير 2005، وتسلّم نجله مقاليد السلطة، وبذل الجهود للمصالحة بالتعاون مع المعارضة وبدعم من المجتمع الدولي. في موريتانيا، وضع الانقلاب الذي جرى في آب/أغسطس 2005 حداً للرقابة المفروضة على الصحافة المحلية. فقد انتقل البلد من المرتبة 138 في العام 2004 إلى المرتبة 77 محققاً أحد تقدّماً ملحوظاً في الترتيب. تحسّن ملحوظ في شمالي أفريقيا، باستثناء تونس تحسّن الوضع في الجزائر والمغرب اللذين بدت السلطات فيهما أكثر تساهلاً مع الصحافة من الأعوام السابقة. كذلك، تمكّنت منظمة مراسلون بلا حدود من التوجه، للمرة الأولى منذ تأسيسها، إلى ليبيا للقاء بعض المسؤولين فيها. أما تراجع الخطوط الحمراء التي فرضها القصر الملكي وانفتاح المشهد الإعلامي فسمحا للمغرب (المرتبة 97) بكسب 23 مرتبة نسبةً إلى العام الماضي على رغم الحكم على المجلتين الأسبوعيتين تيل كيل Tel Quel ولو جورنال إيبدو Le Journal hebdo بدفع غرامات فادحة إثر إدانتهما بالقذف. كذلك، كسبت الجزائر (المرتبة 126) وليبيا (المرتبة 152) 3 و10 مراتب على التوالي في الترتيب العالمي. ومع أن الصحافيين الجزائريين عرفوا هدنة إثر العفو الرئاسي الجزئي الذي أصدره عبد العزيز بوتفليقة في تموز/يوليو 2006، إلا أنهم لم يشهدوا إدخال أي إصلاح هيكلي لتحسين وضع حرية الصحافة. وفي ليبيا، سمحت السلطات للمواطنين ببلوغ المعلومات بسهولة كبرى ولا سيما عبر الإنترنت والفضائيات العربية والأجنبية. ولكن حكومة معمّر القذافي لا تزال تلجأ إلى القمع لإسكات الأصوات الناقدة. أما في تونس (المرتبة 148)، فتشكل مصادرة الصحف، وصرف الموظفين، وتعليق الرواتب خبز الصحافيين اليومي. وفي هذا الإطار، تعدّ القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي نظمت في هذا البلد في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 مسخرة فعلية لا سيما أن أجهزة الاستخبارات لم تفارق الصحافيين الأجانب أبداً، حتى أنه في اليوم السابق لافتتاح القمة، أوسعت السلطات أحد الصحافيين في صحيفة ليبراسيون Liberation ضرباً وطعناً، ونكّلت بفريق عمل التلفزيون البلجيكي أر تي بي أف RTBF وبصحافيين من تي في 5 TV5. قمع مستمر في إيران وسوريا والمملكة العربية السعودية لا تزال الدول نفسها صامدة في آخر الترتيب. ففي المملكة العربية السعودية (المرتبة 161)، وسوريا (المرتبة 153)، وإيران (المرتبة 162)، لا تزال الصحافة المستقلة غائبة تماماً في حين أن وسائل الإعلام المرخص لها تشكل أجهزة للبروبغاندا وأن القادة يمارسون نفوذاً لا مثيل له على الإعلام عبر تحديد خطوطاً حمراء ينبغي عدم تخطّيها. فلا تزال الرقابة الذاتية الوسيلة الأمضى لحماية العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي مع الإشارة إلى أنه نادراً ما يحصل الصحافيون الأجانب على تأشيرات سفر. دول جديدة تنضم إلى نادي الدول التي تحترم حرية التعبير ظهر بلدان للمرة الأولى في المراتب العشرين الأولى. البلد الأول هو بوليفيا (المرتبة 16) بحيث أن الصحافيين البوليفيين استفادوا في خلال السنة المنصرمة من حرية شبيهة بتلك التي يحظى بها النمساويون والكنديون. إلا أن انقسام وسائل الإعلام الرسمية والخاصة بين مؤيد للرئيس إيفو مورالس ومعارض له قد يعقّد الوضع. أما البلد الثاني فهو البوسنة والهرسك (المرتبة 19) التي تتابع تقدّمها البطيء منذ نهاية الحرب في يوغوسلافيا السابقة. واليوم، يتصرّف هذا البلد بشكل أفضل من جيرانه الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل اليونان (المرتبة 32) وإيطاليا (المرتبة 40). لا بدّ من الإشارة إلى أن غانا (المرتبة 34) تقع في المركز الرابع في المحيط الأفريقي بعد بنين (المرتبة 23) وناميبيا (المرتبة 26) وجزر موريس (المرتبة 32). فمع أن الصحافة في غانا تعمل في ظروف اقتصادية صعبة إلا أنها تمكّنت من تجاوز التهديدات التي تمارسها السلطات عليها. في النهاية، تنعم باناما بوضع سياسي هادئ ومناسب لإنشاء جو إعلامي حر ودينامي، ما أدى إلى اكتسابها حوالى 30 مركزاً بالنسبة إلى العام الماضي. لإعداد هذا الترتيب، طلبت منظمة مراسلون بلا حدود من شركائها من المنظمات (14 جمعية للدفاع عن حرية التعبير تنتشر في القارات الخمس)، ومن 130 مراسلاً ينتمون إلى شبكتها، ومن صحافيين، وباحثين، وقانونيين، ومناضلين في سبيل حقوق الإنسان، الإجابة على 50 سؤالاً بغية تقييم وضع حرية الصحافة في مختلف البلدان. وقد شمل الترتيب 167 دولة وحسب لغياب المعلومات عن الدول الأخرى.