الإعلاميون تحت مجهر السلطات
تعرب منظمة مراسلون بلا حدود عن بالغ قلقها إزاء العداء المتزايد الذي تكنه السلطات العراقية للصحفيين ذوي التوجهات الناقدة، حيث يتجلى أحدث مثال على انتهاكات حرية الإعلام في إصدار مذكرة قبض ضد عون خشلوك، مدير قناة البغدادية، وأنور الهمداني، مقدم برنامج استوديو التاسعة بتهمة الإخلال بالنظام العام والتحريض على الفوضى والعنف الطائفي،
علماً أن الاثنين يقيمان في مصر ولم يتم اعتقالهما حتى الآن.
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد تقدم بشكوى ضد القناة وموظفيها الاثنين على خلفية الحلقة التي استضاف فيها البرنامج النائب السابق مثال الألوسي، حيث انتقد المالكي بشدة ووصفه بـالطائفي والفاسد، علماً أن مقدم البرنامج طالب ضيفه بسحب تلك الأوصاف.
يُذكر أن أمر الاعتقال صدر يوم 4 مارس\\آذار من قبل محكمة قضايا النشر والإعلام في بغداد، وذلك على أساس قانون أصول المحاكمات الجزائية الموروث عن النظام السابق، والذي لا يزال سارياً في القضاء العراقي.
وقالت المنظمة في بيان لها إننا ندين بشدة هذا الهجوم السافر على حرية الإعلام لما ينطوي عليه من انتهاك للمادة 38 من الدستور العراقي والاتفاقات الدولية التي وقعت وصادقت عليها سلطات البلاد. إننا نحث السلطات على الكف عن استخدام ذريعة التشهير واستغلال القضاء لمحاولة إسكات الأصوات الناقدة. كما ينبغي إسقاط جميع الدعاوى القضائية ضد مهنيي الحقل الإعلامي.
هذا وقد بعثت مراسلون بلا حدود وشريكها في العراق، مرصد الحريات الصحفية، السلطات القضائية العليا لإبلاغها بقلقهما إزاء التهديدات التي تستهدف حرية الإعلام في بلاد الرافدين، منددة بالخطر الكبير الذي تنطوي عليه مثل هذه الأساليب والأحكام اللادستورية والسالبة للحرية.
وفي يوم 19 مارس\\آذار، حكمت المحكمة نفسها على الصحفي زهير الفتلاوي بستة أشهر سجناً أو دفع غرامة قدرها مليون دينار عراقي (حوالي 620 يورو )، وذلك بتهمة التشهير في أعقاب الدعوى التي رفعها مدير صندوق وزارة الإسكان على خلفية نشر مقال على موقع كتابات ندد بفضائح الفساد داخل المؤسسة، علماً أن القاضي تجاهل الأدلة التي قدمتها هيئة الدفاع عن الصحفي ضمن مستندات الدعم المقدمة لتبرير صحة المعلومات المنشورة.
وبشكل عام، لا يتردد المسؤولين الإداريون والسياسيون العراقيون في استغلال الشقاق بين السنة والشيعة لإذكاء التوترات الدينية وتبرير الانتهاكات ضد الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الإعلام. فقد قرر رئيس البرلمان أسامة النجيفي منع صحفيي العراقية من تغطية جلسات الغرفة التشريعية عقاباً للقناة الحكومية على ما اعتبره انعدام النزاهة، إذ تُعرف تلك المحطة التلفزيونية بقربها من الائتلاف الشيعي الحاكم بينما ينتمي النجيفي إلى المعارضة السنية.?
وفي وقت سابق من عام 2014، تعرضت صحيفة الصباح الجديد لعدة هجمات وتلقت وابلاً من الانتقادات اللاذعة في أعقاب نشر رسم كاريكاتوري للمرشد آية الله خامنئي يوم 6 فبراير\\شباط، وهو ما أشعل غضباً عارماً في أوساط جزء كبير من الساكنة والعديد من السياسيين العراقيين، علماً أن مقر الجريدة تعرض لهجوم عنيف بعد ذلك بأربعة أيام، حيث تسبب الانفجار في أضرار مادية جسيمة./
ولا شك أن موجة التصعيد التي تشنها ضد الصحفيين ووسائل الإعلام تزيد الطين بلة في ظل مناخ إعلامي شائك أصلاً، علماً أن شرارات الصراع السوري امتدت لتؤجج أيضاً التوترات الطائفية في العراق، حيث احتدمت من جديد وبشكل مقلق دوامة العنف ضد الصحفيين الذين يعدُّون على رأس قائمة ضحايا تلك التطاحنات، علماً أن 14 إعلامياً عراقياً لقوا حتفهم في الأشهر الخمسة الماضية