أعمال عنف واعتقالات لمنع الصحفيين من تغطية المظاهرات في كردستان العراق
شهدت الآونة الأخيرة إغلاق قناة تلفزيونية ومنع عشرات الصحفيين من تغطية المظاهرات التي تنظمها قوى المعارضة. وفي هذا الصدد، تدعو مراسلون بلا حدود السلطات والمتظاهرين إلى السماح لوسائل الإعلام بأداء عملهم الإعلامي دون عراقيل.
تعرض عشرات الصحفيين في كردستان العراق لأعمال عنف وترهيب على أيدي بعض عناصر قوات الأمن لمنعهم من تغطية المظاهرات الدموية التي شهدتها المنطقة في الأيام الأخيرة.
فقد أصيب آري لقمان مراسل KNN بجروح في يده أثناء تغطية احتجاجات 19 ديسمبر/كانون الأول في جمجمال، بين السليمانية وكركوك، بينما تعرض زميله المصور همن أحمد لإصابة في الكاحل برصاص قوات الأمن كما تعرضت معداته للكسر. وفي السياق نفسه، سُجلت العديد من حالات الترهيب الأخرى، المصحوبة بالعنف، كما كان حال شومان عثمان، مراسل KNN، الذي كان يغطي مظاهرات حلبجة في 20 من الشهر ذاته.
ومن جهته، يؤكد دانا سۆفی برایم، صحفي موقع خندان الإخباري، أنه أصيب في رأسه على أيدي الحراس الشخصيين لمسؤول أمني في الاتحاد الوطني الكردستاني كان قد طلب منه التعليق على الوضع في رانيا يوم 18 ديسمبر/كانون الأول. وأضاف الصحفي أنه اعتُقل في الشارع بعد ثلاثة أيام من ذلك ليتم استجوابه طوال اليوم على يد قوات الأمن التي كانت تشتبه في توليه إدارة الصفحات السياسية للمعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي.
تحت وطأة الترهيب والاعتقال
في بعض الأحيان تستمر مدة الاحتجاز والاستجواب عدة أيام، كما كان الحال بالنسبة للصحفي بهوز نصر الدين، الذي يعمل لموقع قناة NRT، حيث ظل قيد الاحتجاز في السليمانية من 22 إلى 27 ديسمبر/كانون الأول.
ومن جانبه، أُلقي القبض على صهيب أحمد، مدير وسائل الإعلام الرقمية في NRT، ليلة 24 ديسمبر/كانون الأول أثناء وجوده في مطار السليمانية، حيث كان يتأهب للسفر إلى بغداد.
وبدوره، أكد أوات علي، مدير NRT في كردستان، أنه أجبر على الفرار القسري منذ إغلاق مؤسسته الإعلامية، وذلك خوفاً من الاعتقال، وهو نفس الوضع الذي يوجد فيه عشرات آخرون، من صحفيين وناشطين ومدافعين عن حقوق الإنسان. وفي سياق متصل، قال هرش قادر، وهو مراسل آخر يعمل لقناة NRT في أربيل، إنه تعرض للاعتداء على أيدي عناصر قوات الأسايش أثناء زيارة خاصة إلى السليمانية في 21 ديسمبر/كانون الأول، حيث طلب منه ستة من أفراد قوات الأمن أن يؤكد لهم بأنه يعمل في NRT، قبل أن ينهالوا عليه بالشتائم والتهديد من خلال توجيه أسلحتهم نحوه ثم أمره بالعودة إلى أربيل، بل إن أحدهم أقدم على ضربه، حسبما أفادت به منظمة محلية معنية بالدفاع عن الصحفيين.
وإذا كان الصحفيون العاملون في NRT هم أكبر ضحايا هذه الممارسات، فإنهم ليسوا المستهدفين الوحيدين: فعلى سبيل المثال، ظل علي قادر مراسل روج نيوز في قلدز رهن الاعتقال لبضع ساعات في 19 ديسمبر/كانون الأول.
وفي هذا الصدد، تُذكِّر مراسلون بلا حدود بأن "تغطية الاحتجاجات حق من الحقوق ولا يمكن اعتبارها في باب التحريض على العنف بأي شكل من الأشكال"، مؤكدة في المقابل أن "السلطات مطالبة بالحرص على تأمين سلامة الصحفيين، طبقاً لما هو منصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم 25/38 المُعتمد سنة 2014، مُحذرة في الوقت ذاته من أن "ترهيب الصحفيين من خلال الاعتقالات أو إغلاق القنوات الموالية للمعارضة يقوض تعددية مصادر المعلومات، التي تُعتبر ركناً أساسياً من أركان الديمقراطية".
السلطات تغلق قناة تلفزيونية
كما أغلقت السلطات في كردستان العراق قنوات المعارضة (NRT1، NRT2، NRT) في 19 ديسمبر/كانون الأول لمدة سبعة أيام. ولكن قوات الأمن صادرت جميع المعدات، مما يثير مخاوف بشأن تمديد الإغلاق لفترة أطول، علماً أن السلطات تتهم شبكة NRT بالتحريض على التظاهرات والعنف. ومن جهتها، تحتج هذه المحطة التلفزيونية على قرار إغلاقها، مؤكدة أنه لا يستند إلى أسس قانونية. هذا وقد طال الحظر حتى موقع القناة، الذي تم حجبه في 20 ديسمبر/كانون الأول.
وإذا كانت NRT تصف نفسها بأنها قناة مستقلة، فإنها في واقع الأمر لها صلات وثيقة بالمعارضة التي لا تؤيد استقلال إقليم كردستان، علماً أن مؤسسها تعرض للاعتقال في المطار يوم 19 ديسمبر/كانون الأول أثناء عودته إلى كردستان، وهو الذي كان قد ترك مجلس إدارة المحطة قبل بضعة أشهر لتأسيس حزب معارض تحت اسم "الجيل الجديد".
المتظاهرون ينضمون بدورهم إلى مهاجمي الصحفيين
في 19 ديسمبر/كانون الأول، هاجم متظاهرون قناة رابارين وإذاعتي ماشخالان ويهكرتو في رانيا، كما أضرموا النار في مبانيها. وتكرر نفس المشهد في اليوم ذاته بمقر قناة KNN في كويا (شمال غرب السليمانية)، علماً أن العديد من المحتجزين أعربوا عن غضبهم أمام مباني تابعة لمختلف الأحزاب، بغض النظر عن أيديولوجياتها. وفي 18 ديسمبر/كانون الأول، رُشق مراسل روج نيوز هوكر مصطفى بالحجارة في سيد صادق، جنوب شرقي السليمانية.
يُذكر أن هذه الهجمات ضد الصحفيين ووسائل الإعلام باتت تتكرر بانتظام، حيث تفاقمت بفعل التوترات الوطنية والإقليمية والسياق الأمني الراهن، ناهيك عن الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها المنطقة، علماً أن مراسلون بلا حدود نددت مراراً بما يطال الصحفيين من تهديدات في هذا الصدد.